السبت، 21 مايو 2011

الوادى المقدس طوى


السلام على الانبياء والمرسلين ورحمه الله وبركاته "
قال تعالى .
" وهل أتاك حديث موسى إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى "..
"ياموسى إني أنا الله العزيز الحكيم ‘‘

جبل موسى .. في جنوب سيناء وهو الجبل الذي يحمل اطهر البقع في الأرض كما تشير التوراه و كما اشار القرآن الكريم الى قدسية ذلك المكان عندما طلب الله عزوجل من موسى الكليم أن يخلع نعليه لانه بالواد المقدس طـوى
قال الله تعالى مخاطبا موسى عليه السلام
{إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى}

وادى طوى البقعة المباركة فى الارض وهى اقدم بقعة واول بقعة مقدسة على وجه الارض ولا يراودنا الشك فى ذلك فهو نص كتاب الله اذا فالتسكت كل الاصوات ولتستمع الى صوت النداء الربانى الذى لا ريب فيه .
وكلمة ( طوى ) وحيها من طوى الزمن وطوله وقدم عمر الوادى المقدس وأمر الله نبيه وكليمه موسى عليه السلام بخلع نعليه هو امر واجب على كل مؤمن بكتاب الله ورسله ان يخلع نعليه عند دخول هذا الحرم الربانى العتيق . فانتبهوا جيدا الى هذا المعنى

لقد أمر الله نبيه موسى بخلع النعلين للخشوع والتواضع عند مناجاة الله تعالى وهو أمر بذلك لينال بركة الوادي المقدس وتمس قدماه تربة الوادي
فمن القدمين تتوزع الطاقة الحيوية للجسم كله .. فالتمسوا البركة من الوادى المقدس كما امر الله نبيه موسى عليه السلام .

الأحد، 2 يناير 2011

أنا وصديقتى .... كتبت عام 1994م


كان لقاء صامت بعد فراق دام لعدة سنوات خاف كل منا أن يفتح حواراً مع الأخر السنوات في هذا الزمن تغير الإنسان سريعا .... تعثرت الكلمات على لسان كل منا ...وكنا نخشى المواجهة فمنذ سنوات افترقنا وكل منا يملك روحا ممتلئة بالمحبة والإخلاص والأمل وعواطف لاتعرفها إلا القلوب الصغيرة الغير خبيرة بمشاكل الدنيا والبعيدة عن الحقيقة الكامنة في نفوس البشر افترقنا ذات يوم وكل كان يحب الخير ويسعى دائما للكلمة الطيبة والابتسامة الصافية والصدر الرحب لكل الناس حتى لمن أساء إلينا..
أنا وصديقتي من الجيل الوسط الذي مابين الجيل المتحضر جدا والذي انفتح على العالم والجيل المتمسك بكل العادات والتقاليد القديمة والذى لا يعلم عن الدنيا الاالقليل
الان تجرنا الذكريات سنوات طويلة للوراء عندما كنا أطفال صغار نجلس علي جزع شجرة قريب من الأرض وتتأرجح أقدامنا ذهاباً وإياباً ونحن نتأمل في ملكوت الله نبحث عنه في كل مكان وليس أمامنا سوي مساحة خضراء شاسعة ولكن بالنسبة لأعيننا الصغيرة لا حدود لها وكنا نشعر بالله قريب منا ولكن لا ندرك سر الحب الروحاني الذي يربطنا به كنا نناجيه في الخفاء ويرن في أذاننا نداءات زكريا ومريم وعيسي ومحمد عليهم جميعا السلام وهذا ما حفظته أنا من القرآن وما حفظته هي من الإنجيل كانت صديقتي مسيحيه طيبة خفيفة الظل وأنا مسلمة كنا نلعب سويا وكانت تشاركني طعامي وأشاركها طعامها وكانت تسمع مني وكنت اسمع منها كنت أقص عليها حكايات من القرآن وكانت تحكي لي حكايات من الإنجيل كانت ترافقني أعيادى وكنت أرافقها أعيادها كان اسمها " مارسيل " وكان اسمي" أقدار"
كانت أهالينا من البيوتات المصرية الكريمة و كان أهلها يرحبون بي كلما طرقت بابها لألعب معها ولم يكن أهلي وأهلها يحذروننا أبدا من مثل هذه الصحبة فنحن شعب متحاب بالفطرة وكنا كثيرا ماتتشابك أيدينا الصغيرة وسط المساحة الخضراء وندور وكأننا نطير بعد المطر وتحت قوس قزح ونتنفس الهواء النقي وكأننا تحت القوس وتران للنغم خاصة عندما تبهج ألوانه السماء وليعلن عن براءة السحاب من الماء المنهمر وكلانا كان مرتبط بقدسية كتابه وما يحمل من عبارات ومع هذا كانت تجمعنا عبارة روحانية وتأمل فطرى وقلوب صغيرة عندما نرفع أيدينا إلي السماء وندعوا بكلمة واحدة (( ياالله )) وختام واحد وهي كلمة (( آمين )) ...
وأحياناً كنا نقتسم الرغيف لنأكله حتى لانضيع وقتاً ونبعد عن هذا الود الصغير ... كانت (( مارسيل )) تهوي الرسم وكنت أهوي الكتابة وكلانا يُخرج ناتج تخيله علي الورق في منازلنا المطلة على هذه المساحة الخضراء كانت منازل بسيطة لا تعرف إلا الستائر المزكرشة بالستان وحجر المعيشة ذات الكنب العربي المغطي بالكريتون المزكرش وبلكونات عادية خالية من اى ديكورات لم تكن مزينةإلا بشوال الريحان وقلل الماء المعطرة بماء الزهر .. وبالمثل كانت أمهاتنا بسيطة لا تحلم أحلام مبالغ فيها كانت أحلامهم شديدة الحساسية ناحية أبنائهم في أن ترى كل أم أبناءها أصحاء أشداء متعلمون .. أتذكر الآن أيامنا الجميلة وقت الربيع نراقب احداث ميلاد الكائنات الصغيرة التي كانت تمرح معنا في جو الربيع نراقب الضفادع الصغيرة وهي تسبح في مياه البرك ونصطاد الجراد الملون ونعبث في الحقول لنقطف الأزهار الملونة والشجر اخضر مزدهر من كل ناحية .. نراقب عملية الري ونتسابق إلي الساقية ونتمعن بها كثيرا كانت تستهوينا لماذا لا ندرى ولم نكن نعلم إنها عملية نفسية بداخلنا توجهنا إلى أن الساقية صورة لجريان الحياة حولنا والأيام والسنين .. وتذكرنا أيام دراستنا حيث كنا علي مقاعد دراسة واحدة نتلقى العلم بأذهان صافية بعد كل صباح باكر نردد فيه في نفس واحد
بلادى بلادى... لك حبي وفؤادي
ولم يجمعنا إلا حزن واحد بعد حرب اكتوبر 1973 وكنا نبكي سوياً قلت يومها لمارسيل ،،،
- لقد فقدنا عمي (( أحمد ))
- وقالت لي – ونحن فقدنا أخي (( يوسف ))
- قلت لها – بيتنا حزين وأبي يبكي ليل نهار
- وقالت لي – وأبواي كذلك
- قلت لها – عمي أصيب أثناء عبور القناة
- قالت لي – وأخي أصيب أثناء تحطيم خط بارليف
- قلت لها وأنا أتخيلهما ... ربما التقيا سوياً واخذا بأيدي بعضيهما وعبرا سوياً .
ومددت لها يدي فمدت لي يدها
وقلت لها ..؟ أسمع أن أرواح الشهداء تلتقي عند الله وينشرها في الوجود ... تعالي نسير خلف هذا الفراغ الذي أمامنا ربما نراهما خلف هذا الفراغ الأخضر الذي لا نعرف نهايته كما تراه أعيننا الصغيرة ... ومضينا سوياً نسير عبر الأيام والسنين ...
وخلال الرحلة نجد أصواتاُ كانت تنشد
الله اكبر ..الله اكبر
الله فوق كيد المعتدي ... والله للمظلوم خير مؤيدِ
أنا باليقين وبالسلاح سأفتدي ... بلدي ونور الحق يسطع في يدي
قولوا معي .. قولوا معي .. الله ..الله أكبر .. الله فوق كيد المعتدي
ياهذه الدنيا أطلي واسمعي ...... جيش الأعادي جاء يبغي مصرعي
بالحق سوف أصده ومدفعي فإذا....... فنيت فسوف أفنية معــــي
قولوا معي .. قولوا معي .. الله .. الله أكبر
الله فوق كيد المعتدي
ولكننا لم نعرف جيدا من هوا المعتدي وهل رحل بعد الانتصار ام انه مازال بيننا كالعفريت الخفي موجود ولا موجود ... ومع ذلك كنا نردد بلادي بلادي ونحن نتلقى العلم عندما كانت رسالة العلم مقدسة لا غاية أو وسيلة كان الأستاذ يمشي فخوراً بأنه رسولا يبلغ رسالته ويحمل وسام المربي الفاضل كان أساتذتنا مثل آبائنا يحرصون علي مستقبلنا كانت الدنيا بخير وأهلينا كانوا بخير كانوا اما فقراء بسطاء .. أو أغنياء كرماء أحلامهم بسيطة علي قدر أيديهم وكان كل شيء له طعم ومعني حتى في رغيف الخبز وطبق الفول والطعمية الوجبة البسيطة التي يحبها كل مصري فقير كان أو غني كنا نأكل ونشعر بالرضى والسعادة والطمأنينة فلا حاجة لنا في التفكير في طعام الغد مادمنا نشرب الماء العذب ماء النيل العظيم وبعدها نحمد الله .. كانت صدور أهالينا رحبة حتى مع بعضهم البعض كنا ننام ولا نخشى الغد فكلنا عيون يقظة علي بعضنا البعض مازلت اتذكر أيامنا يا صديقتي في رمضان وأعياد الميلاد والزينة تمليء الشوارع والبيوت والنفوس والأرواح ... أرواحنا المعنوية كانت مرتفعه رغم قصر اليد في كثير من الأحيان .
وأيام العيد ياصديقتي والجميع من أهالي الحي والحارة يجتمعون لصنع الكعك وبسكويت العيد كانت أم أحمد وأم مينا وأم مصطفي وأم عيسي كلهم أيدي مساعدة في صنع هذه الحلوى التي تبارك العيد حتى الرجال قد اشتركوا في الإشراف علي تجهيز هذه الاحتفالية الرائعة لم نصنع شيء بمفردنا قط لابد من أيادي كثيرة معنا .. كان لكل شيء معني وقد كنا أصحاب عهد جديد بالنصر والخروج من الحرب وما جاء نصرنا إلا بتوحدنا لذلك كان لكل شيء مذاق خاص وجميل ورائحة أكثر روعة الكل كان يهادي الكل صباح العيد وبعد العبادات الخاصة بالأعياد ننطلق كالفراش الملون في الشوارع نتقابل ونتواد ونتراحم ملابسنا كانت مثل أيامنا ونفوسنا لا تعرف الألوان الخلط التي لا معني لها كان الأحمر احمر والأخضر اخضر والأصفر اصفر حتى الألوان المتداخلة لم يكن بها وسيط مشوش أنما كانت ألوان تنسجم مع بعضها ومع هذا كله كنا نمرح ونمرح حتى يأتي الليل فندخل منازلنا ونخلع نعالنا الجديدة ونبدل ملابسنا وننام نوم الأطفال السعداء الفرحين بالعيد ويخيم علينا الصمت والسكوت علي كل المدينة وفجأة نصحوا علي
الطوفان .. الطوفان .. الطوفان
يزحف الطوفان ويأخذنا غدراً وتمر الأيام تلو الأيام والسنين تلو السنين ونحن نكاد أن نغرق ... يا مرسيل ونفتح أعيننا لنجد أنفسنا قد لبسنا ملابس غير ملابسنا لانعرف لها لون محدد ألوان جهنمية مختلطة لا تبهج العين بقدر ما تسلبها النظر ويسقط الحياء ونتسأل ماذا يحدث لنا يا صديقتي لقد تهنا وضعنا وتشتت أفكارنا وغرق ما حولنا في الطموح والثراء الذي لا يهمهم مصدره والوجوه التي لا تتقابل إلا وقت المصالح إنكسرت نفوسنا ياصديقتي ونحن نري كل ما حولنا غارقاُ في الطوفان وعدنا إلى الوراء لنري الحدث جيداً ونراقب الأحداث كلها ورأينا الحقيقة كاملة ونحن نسترجع حكاية الساقية وطحن الأيام والسنين بلا شفقه والثيران التي كانت تدور وهي مربوطة بالساقية نراها وقد ضعفت وتبلدت حتى انتحرت و لم تقدر أبدا علي ما رأته بعد مانزعوا عنها الغطاء الذي كان يحجب أعينها حتى لا تشعر بتعبها وهي تدور ليجرى الماء في القنوات لتسقي الأرض لتنبت اخضرا ولكنها بكل أسف لم ترفعها إلا بعد الطوفان لتري جفافاً وخضاراً تحول إلى معمار وظنت أنها تعبت بلا شيء فحزنت وسكنت مكانها اذكر يا صديقتي أننا هرولنا نبحث عن المزارع الخضراء فوجدنا أن الطوفان قد لحقها وباعها أهلها بثمن بخس دراهم معدودات لترفع مكانها معمار ساكن أصم وظنوا أنهم ربحوا فيها ومهما ربحوا فلن يُقدروا ثمن الطمي الذي يحمل كنوزا لا حصر لها باعوا النماء بالسكون الدائم باعوا كل شيء حتى الهواء النقي باعوه للتلوث الذي يأتي من عوادم اجتاحت أجواءنا
والتي لا نعرف لها مصدر محددا وكأنه يأتي من كل شيء حولنا
وهرب الجراد الملون وهجت الضفادع وماتت الأزهار ولم يعد هناك ميلاد طبيعي واختلطت الفصول الصيف بالشتاء والربيع بالخريف وأكلنا ثمار الكل في كل فصل تعاملنا مع الكيمياء وهجرنا الطبيعة وتسممنا ونحن نشرب الماء الملوث واغتنينا من بيع كل شيء وتبديل كل شيء و قد نشأ لدينا سوق عجيب بالمقايضة الشيء بالشيء في بيع تاريخنا وحضارتنا وأثارنا وعلوم البرديات وعلوم العرب بالعولمة وثمارنا ونظافة طمينا بالهندسة الوراثية والهواء بالتلوث الكيميائي وفتحنا الباب علي مصراعيه لكل العفاريت الذين يأتون إلينا بعروش التقدم قبل إن نقوم من مقامنا وكانت المقايضة باهظة فلقد اخذوا نفوسنا القانعة برغيف الخبز ووجبه الفول والطعمية وأعطونا نفوسنا جاعت مالا وبطوناً لاتشبع وبدلا من وجبتنا البسيطة أكلنا ( بيف وبرجر)
وبدلا من ماء النيل العذب شربنا بيبسي كولا لقد قايضنا بالصحة بتفشي الأوبئة السرطانية والفشل الكلوي وعلل الانتحار الروحاني وانتشرت العفاريت ترش البودرة العفريتيه فكرهنا بعضنا وأخذنا اللقمة من أيدي بعض واقتتلنا علي أشياء لا معني لها وقضايا بعيدة عن قضايانا .. وانتشرت بودرة العفريت فلبسنا ألوان جهنمية فأصبحت موضتنا المقطع والمهلهل أو الضيق الذي يخدش الحياء وأصبحت أحاديثنا مبعزقة أصبحنا نتحدث بلهجات عفريتيه مختلفة وكأن لغتنا العربية أصبحت لا تليق بنا وفزعنا يا صديقتي ونحن في بعض الأحيان لا نميز بين رجل وامرأة فهو يلبس كعب عالي وهي تحلق رأسها وارتعدنا يا صديقتي وخفنا خوفاً شديداً من هذه المتاهة والتمسنا ظلا وبكينا بكاءاً شديداً مريراً بكينا علي كل شيء بكينا علي قوس قزح فلقد كنا نجري داخلة ظنا منا أن الدنيا ستظل أمامنا وأننا نمتلك كل شيء حولنا الأرض والفضاء معه والان لم يعد شيء من الفراغ وفقدنا رائحة التبر وقت المطر وهواء العصاري وقت الحر وبكينا أيامنا الخوالي وجرت الدموع جريان النهر تحرق وجناتنا علي ماضاع ونهضنا ضعفاءالقوي باحثين عن مدارسنا إلا اننا وجدنا الطوفان أيضا قد لحقها ولم نجد غير رسالة تجاهد تيارات الماء عنوانها نجاه الإنسان كانت تمر وسط تجارة التعليم الحارقة تحت اسم الدروس الخصوصية لمن يريد النجاح وإلا ؟
وفتحنا كتاب المدرسة فوجدنا عنوان للتطبيع فأصابتنا صاعقة فالتيار يحاول أن يقتلع الشجرة من جذورها وعفاريت تنادي من كل ناحية
تطبيع .. تطبيع
ولم يعد هناك نشيد
بعد ما فتحنا ذراعنا لكل معتدي سلمنا عليهم وسلمناهم أنفسنا وتركناهم يعبثون في تراثنا وحضارتنا .... وأعمانا المال رأيناهم أهل بيت ثم تركنا لهم البيت وفضلنا الإقامة في الفنادق الفاخرة والقرى السياحية التي لا مثيل لها ونسينا أن هناك جنة هي موعداً للقانعون المدافعون الصادقون وبكينا من جديد مر البكاء علي عروبتنا وعلي مصرنا بلادنا و علي أنها يجب ان تكون حبنا وفؤادنا بل قطعة من أنفسنا لكنا رحلنا عنها بعقولنا العبقرية وأيادينا العاملة القوية فراراً من ضيق المعيشة وقذفناها بكل ما لدينا من إسأة وأمسكنا بحجارة ورجمناها كأنها لم تعطنا المال والراحة بلا جهد وإنها لم تعطينا المال ورخاء العيش بأسرع ما يمكن حتى ولو تخلت عن مصريتها من اجل إرضائنا فرجمنا الطاهرة لأنها أبت البغاء ولم نشعر أنها أم الدنيا أمنا وأماننا إلا بعد ما هاجرنا وسافرنا إلي بلاد بعيدة بعقولنا العبقرية علمنا غيرنا وبأيدينا القوية بنينا في غير أرضنا .. خدمنا في أحقر المهن لأهل ليسوا أهلنا خدعنا أنفسنا وبعنا لهم عبقريتنا فاغتالونا وجمعنا المال ومعه المذلة ونحن نغسل صحونهم ونمسح بعد أقدامهم لماذا لم نقدس الفقر الذي معه الكرامة ونكدح ونبنى ونصبر الصبر الجميل ولماذا لم نعي ان الغاية والمراد هم أبناء البلد وليس غيرهم ثم من جديد عدنا نبكي يا صديقتي لأننا تمردنا علي رغيفنا وعلي وجبتنا البسيطة وأكلنا بنهم ونسينا ان نبدأ طعامنا ( بسم الله أو بسم الرب ) وذهبت البركة مع كثرة المال وأكل معنا الشيطان مادام العفريت هو الذي يقدم الطعام ولم نشبع وطلبنا المزيد حتى ولو فيه موتنا ولم نحمد الله بل شكونا الفقر والهم وعدم وجود الفرص لتحقيق الهدف الذي لم نعد نعرف له شكلاً من موضوعا أجل يا صديقتي لقد ضيعنا من أيدينا كنزاً ثميناً أسمه القناعة خطفه العفريت منا حتى نخضع لأوامره . لقد خرج أهالينا من بيوتهم مع الطوفان وفاضت معهم أحلامهم المبالغ فيها ولقد غاب الأمان وكثرت أسلحتنا وكثر خوفنا من أنفسنا وخفنا خوفاً شديداً علي أهلينا عندما وجدناهم لا يعرفوننا وجدناهم يستغشون ثيابهم ويصموا آذانهم حتى لا يرونا ولا يسمعونا... وحزنا علي ضياع الأمان والقيم الثمينة وفقدنا بهجة الليالي المباركة وتفرقنا وكرهنا بعضنا البعض ولم يُخبز لنا خبزاً جماعياً بعدها بل رأينا كل واحد يحمل خبزه بين صدره حتى
لا يراه الأخر فقد يطلب منه رغيفاً فيضطر ان يعطيه مضطراً لا كرماً وربما أنكر انه يحمل خبزا أنها لعنات العفاريت وقد حلت علينا أجل امتلئت جيوبنا نقودا ومع ذلك جوعنا جوع الكافر جوع لا يعرف رحمة ولا رأفة وربما جوعاً يقتلنا ودُسنا علي الخير ونحن لا نراه ورأينا الكل يهرول في جميع الاتجاهات يتخبطون ولا احد يشعر بأحد وحلت الأعياد ولم نعد نشعر بطعماً لها ونمنا دون الصلوات من كثرة سهر الليالي الذي لا يرحم وطُمست قلوبنا ولم نعد نبكي بالدعاء. ضاع منا طعم الفرحة والبهجة ولبسنا ملابس لا تحمل رقة ووداعة بل ملابس تخدش الحياء وتسلب العفة والطهر وتجرأنا في نظراتنا وأحاديثنا التي تهايفت وأبحنا كل شيء بلا قيود وذهب ماء وجهنا ونحن نظهر عوراتنا بلا حرج وتهت أنا وصديقتي في سنوات الطوفان كدنا نضيع تحت وابل الفتن العفريتيه لنفترق عن بعضنا البعض ولكن أراد الله أن نلتقي رغم كل هذا ربما رحمة منه لنأخذ منه سبحانه وتعالي عهدا كما أخذة نوح علية السلام الا يعود إلينا الطوفان تقابلنا وقد ضاعت منا الكلمات وتمكن الخوف منا لأننا نعيش أيام الضياع وبدأنا ندير وجهنا لبعضنا البعض حتى لا نفجع بمصيبتنا فكل منا يظن ان الآخر أصبح وحشاً ...
ولكننا سرعان ما تذكرنا أننا كنا ذات يوم أرواح طيبة تسموا إلي حب الخير وتكره الذاتية والعدوانية رغم طحن السنين لنا إلا أننا مازلنا نحتفظ بشيء ما داخلنا يهزنا هزات عنيفة يردنا إلي صوابنا وإلي عروبتنا ومصريتنا مازال ما بداخلنا يدفعنا إلي الحق لنبحث عن بئر عميق نحفره بأيدينا ليسحب مياه الطوفان القاتلة ونتضرع إلي الله عز وجل أن يصفح عنا ويرحمنا ويساعدنا ... وفجأة نادي كل منا علي الآخر قائلاً :-
انتظري يا صديقتي لا تمضي فمازال بداخلنا النواة الخيرة التي بني عليها هذا الكيان المختلط لن نستسلم للطوفان . انتظري يا صديقتي ولنبدأ بأنفسنا . ننظف ما علق بنا فنحن كائن معدنه نقي رغم دنيا العفاريت التي تحوطنا ولكن مهما تراكمت عليه العوالق وحتى لو غاص في الطين فهو معدن أصيل لا يذوب ولا يصدأ بل ستظل حكاياته تحفة عريقة المنشأ .... تعالي نبدأ بصنع الفلك للنجاة سوياً تعالي نعلي مأذننا وكنأئسنا ونبني مصرنا ونشبك أيدينا تعالي نتبع صدي صوت عيسي ومحمد ونصبر الصبر الجميل ولا ننسي أننا خُلقنا وعشنا وسنموت مصريين .. مصريين ..

الجمعة، 5 نوفمبر 2010

عيد الحب


بحثت عن محبوب فى عيد الحب يستحق ان أقدم له هديتى فوجدت ان قلبى هدانى لأعظم حب فى حياتى كلها ( أرض مصر الطيبة ) . أهديها بما تحمل فوقها من مصريين يحبونها وفى باطنها مصريين أحبوها واخلصوا لها ودفنوا فى أحضانها هديتى لك يا أرضى الطيبة سنابل قمح مصرية خالصة علها بحب ان تكون نبتة طيبة أصلها ثابت وفرعها فى السماء . ورجائى منكم جميعا ان تتخذوا من سنابلكم باقات لأحبائنا كى لاننسى القمح المصرى .
كل عام وانتم جميعا فى حب وسلام .

السبت، 16 أكتوبر 2010

يوسف الصديق


تتعالى بعض الاصوات وبلا تصريحات رسمية حول رفض هذا المسلسل الرائع يوسف الصديق ورفض فكرة تجسيد الانبياء والحقيقة ان المشار اليهم فى هذا الرفض هم علماء الأزهر رغم انى والحق يقال لم أقرأ تصريحا رسميا بهذا الشأن والحقيقة ان غالبية المشاهدين بهرهم نفحات الايمان فى دعوة النبى يوسف عليه السلام وكيف بلغ رسالته وأدى... أمانته وأحسن ادارة مملكة بأكملها كانت مسؤلة عن خزائن الارض فى هذا الوقت والمسلسل يحمل لنا جوانب هامة من الحكمة والعفة والامانة وطريق الايمان اما المعترضين عن فكرة تجسيد الانبياء فاقول لهم نحن نعبد الله وحده لا شريك له ولا نعبد البشر والانبياء كانوا فى حياتهم بشر حملوا الامانة وبلغوا الرسالة ووصفهم الله عز وجل فى القرآن بمواصفات عديدة حملت لنا صورا رائعة عن سماتهم الطاهرة النقية كما وصف لنا الله عز وجل نوره فى ابهى تصوير لكى تضىء القلوب المؤمنة وتكون الصور أقرب الى النفس البشرية وذلك فى قوله تعالى .
*الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح، المصباح في زجاجة، الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضئ و لو لم تمسسه نار نور على نور يهدى الله لنورة من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شىء عليم * سورة النور

الجمعة، 19 مارس 2010

الحب ...... والحرية

إذا أردت أن ترتقى بالحب فلا تجعل الجسد وعاء للحب لأنه سيتحول الى حب لحظات مهما طال بك الزمن ولكن اطلب من الله نفخ الروح فيك لتأخذ حبك الى البراح وترحل به الى أرض الصفاء وهاجر ولا تركن للعقبات وخذ معك من تحب وان كانت جموع البشر .. فالحب الحقيقى هو الذى لا يقيده قيود الجسد ولا ميقات الزمن .. فمسكين من لم يتذوق طعم الحرية فى الحب فهو بذلك قد كتب على نفسه الاسر وانتحر .
أهديكم أجمل أغنية تعبر عن الحب والحرية فى عرض راقى من مسرحية كارمن لأروع أستاذ مسرحى هو الفنان / محمد صبحى .




خذني فإني أٌحب الحياه



وأعشق ف الليل ضوء القمر



أراك ترتعش مني الشفاه



ويهتز قلبي ويصحو الشجر



وأطوي بخيالك حتى مداه



وأهزم خوفي وأطوي الحجر



ففوق حصارك طوق النجاه



كفارس أحلامي المنتظر



أذوب بكفيك كثلج الجبال



وأسقط في صدرك كالمطر



أنا حره وحبي صريح



وحبك لي من السماء انحدر



لنا كل هذا الكون الفسيح



وحريتي في حبك قدر



فحبي إليك حريتي



فإذا ملكت الحب



الحب انتحر

الجمعة، 26 ديسمبر 2008

حمارعاطل عن العمل يشتكى البطالة


حتى البطالة طالت عالم الحمير والاحصنة وجاء الىّ صاحب الحمار يشتكى من علة نفسية أصابت الحمار بسبب البطالة و عدم طلب الحمار للعمل فطلبنى لأرى حالة الحمار بنفسي .
فذهبت وتعجبت من حال كلام صاحب الحمار لأرى المفاجئة وكأن لغة خاصة جمعت الحمار بصاحبة فأصبح كل منهم يفهم الأخر ولمالاوالعشرة حتى مع الافاعى ينتج عنها لغة للتفاهم مع من يتعامل معها وكذلك الحال مع كل كائن حى .
إقتربت من الحمار الذى كان معتكفاً فى ساحة جرداء خالية من أعواد الحشيش والأوراق الجافة فى الأشجار اليابسة . مكان كئيب حقا وأكد لى صاحب الحمار ان الحمار إختاره بنفسه لعدم رضاه لما يحدث له .. جلست أمام الحمار اتفحصه وقمت بزيارته عدة مرات لعلى أصل الى شيئ ووجدتنى شيئياً فشيئاً أشعر به وكأنى أسمع كلامه يقول لى
يا سيدتى أنا منهك القوى بسبب حالتى النفسية و التى أصابيتنى بإحساس المرض هذا المكان الذى اجلس فيه يعبر عن احساسى بالضبط . لم يعد لنا عمل وسط مدينة الإسكندرية المرهقة بالسكان و السيارات أصبحت تملأ الشوارع والازقة ولم يتركوا لنا مكان للسير فيه .. كنت أنا وصديقى الحصان أحياناً نلتقط الأرزاق هنا و لكننا وجدنا البشر قد استغنوا عن خدماتنا فى كل شيئ حتى التنزه على الكورنيش الذى حولوه( أوت استرادا) يعنى طريق خارجى العربات تجرى فيه بسرعة شنيعة فإين يذهب فيه الحصان الآن أكيد بعد ثوانى سيكون
( أوت من الدنيا ) حقيقى يا سيدتى لقد أصبح مواطنى الإسكندرية مساكين لم يعد أحد فيهم يتمتع بجو الإسكندرية الجميل ولا ببهجة الكورنيش ..قال لى صديقى الحصان ذات يوم تعالى ياد ياحمار نجرب حظنا فى الازقة نلتقط أرزاقنا هناك فلم يعد لنا يا عزيزى فى أجواء المدينة مكان
فقلت له.. وماله ياخويا تعالى نجرب .. و الرزق يحب الخفية و الرجلين البطالة نجسة و لكننا بعد فترة وجدنا إختراع إسمه توك توك ولم يعد لنا مكان ولا أمان . فماذا نفعل .. يوما بعد يوم قلت حركتنا وأصابنا الهم و اغلبنا تعرض للمرض و الموت وحتى السائر على قدميه أكلته السيارات من السرعة أصبحنا مهددين بالانقراض و الريف لم يعد يسعنا لأن البنى آدمين هجواالى المدن والحيوانات رحلوا الى الارياف فأصبح يوجد فوضى وعدم توزيع جغرافى جيد ..
ومع الأيام توفى صديقى الحصان وقبل وفاته كان مهموماُ وقدماه قد تكاسلت و ذات يوم خرج ليتنزه ويتذكر كيف كان يرمح فى الطرقات و كيف كان يرى حالة الناس وهم يسيرون على أقدامهم فى كامل نشاطهم يستنشقون الهواء النقى و لكنهم الآن أصبحوا كسالى وأصبحوا يتجولون عدة أمتار بالركوب ويستنشقون عوادم السيارات فى كل مكان و لم يعد أحد يلتفت لحصان أو حمار .وسمع صديقى الحصان طفل فى الثامنة من عمره يسأل أمه اية الى ماشى ده يا ماما فقالت الأم – ده حصان مصرى وبعد ثوانى قال لها الطفل فى فرح ماما .. توك توك أهو..فحزن الحصان وقال . معرفش الحصان المصرى أبو روح وعرف التوك توك الصينى أبو عجل " ده غزو حقيقي والله لعقول البشر " بقى الخيل الجميل و الحيوانات النافعة أصبح معرفتها مقتصرة على عدد محدود من البشر و دمعت عيون الحصان وأثناء دموعه لم يرى لورى قادم فرطمه فارتمى ارضاً وعانى الألم ثلاثة أيام ثم مات بعد معناة من الألم وحكى لى ما حدث وما سمع وقال كلمة أخيرة ..
إفتكر يا حمار و ماتزعلش انه هيجى يوم يمكن يعطل فيه العجل ويمكن ميكنش فيه بنزين ولا جاز و يمكن يأتى اى ظرف طارئ يجعل الإنسان لايجد الآلة وقتها سيبحث عنا ولن يجدنا وسيندم على انه أهملنا ولم يعتاد حتى التعامل معنا و التعود علينا لوقت الشدة و لاتنسى يا عزيزى ان الأزمات السياسية تتراكم وقد ينفجر الوضع فى أى لحظة ما بين البلدان و بعضها وسيحتاج البشر اى حمار أو حصان أو دابة يفرون بها مع أحوالهم ليت البشر يعملوا ذلك ولا يهملونا و مات صديقى الحصان و بقيت وحدى فى هذا الخلاء انتظر . فكروا فى عمل قهوة لنا تجمعنا لتناول مشروب ( الحيمرويه ) و لكننا رفضنا نحن نقابة الحمير
فقلت له ... ولماذا رفضتم وسيادتك تتحدث باسم النقابة .
قال – نحن لم نخلق لضياع الوقت على القهاوى ولا لتضيع وقتنا عبساً نحن هنا منتظرون إما العمل أو الموت شرفاء بعيداً عن التكاسل و اختلاق الحجج
شكراً سيادة الحمار.

الجمعة، 12 ديسمبر 2008

كانت لها جارة

لها جاره طرقت بابها ذات يوم وفرضت عليها ضيافه رغم انها كانت غير مستعده لهذه الضيافه كانت مشغولة بترتيب منزلها التي تسعد به دائما و ما يحمل من عبق الأيام وذكريات الأجداد ورائحة الأحباء المنبعثه من كل مكان واليوم بالذات كان لديها عمل هام هو جرد " السندارة " القديمة والتي تحمل اشياءاً كثيرة من الأجداد وجد الأجداد ولكنها إنشغلت عن جردها ..
وهاهي الجارة قد آتت وإنشغلت من جديد .. إنها جارة جديدة جاءت من مكان بعيد أتت مستأجرة ربما لقضاء شيئا ما ..ودخلت الجارة لتشرب القهوة و تتعرف عليها .. ونظرت الجارة إليها بتهكم وهى تشرب قهوتها ثم نظرت إلى بيتها وقد أبدت نظرة استياء
و قالت لها .. بيت قديم وكل شيء فيه قديم
قالت صاحبة البيت .. انه ميراثي من أجدادي وليس لي غيره .
وهنا وصفت الجارة لصاحبة البيت بيتها الجهنمي رغم انه مؤقت إلا انها كل يوم تغير أثاثه . كما انه كل شيء فيه يتحرك بالريموت كنترول .. وسحبتها الجارة شيئاً فشيئاً لتري بيتها الجهنمي و أثاثها الفاخر وزوجها الأنيق المترف وثيابها الفاخرة وبارها الممتلئ كريستال .. وادراجها الممتلئة جواهر وثلاجتها المكتظه بأجود أنواع الفاكهة وأشهى المأكولات .. وأشياء وأشياء عند الجارة وأجلستها الجارة وقدمت لها (نسكافيه) جديد بدل القهوة في ماجات جديدة على صينية من الذهب ..
وجلست صاحبة البيت تتفحص الجارة في ملابسها وطريقتها وتستمع إلى حديثها وهي تقنعها بأن بيتها قديم وأثاثها موضة وبطلت وملابسها لا تحمل اى مظاهر انوثه و طعامها قليل وزوجها مبهدل وأولادها محرومون لا يتمتعون كأطفالها .. ثم شربتها النسكافيه الذي سرى في دمها ثم صرفتها بلباقة .. لتدخل بيتها الذي كانت تراه جنة وكأنه خرابة.
ولما حضر الزوج لم يجد على و جهها الابتسامة بل وجد عبوسا ونقمة وقد رأت زوجها أيضا عتيقا من عهد نوح كما يقولون ولما ناولها أكياس الطعام.. قالت له وهى تعبث بها – ما هذا ؟
قال لها ! دجاجة بلدي صغيرة وأرز وخضر ونوع من الفاكهة وليمون للعصير..
قالت له والضجر باديا عليها انى علمت انه يوجد في الدنيا شيئاً اسمه دجاج كنتاكى وبرجر وبيفى و كاتشب ومسطردة ومايونيز وبودرة عصائر كل العصائر في اى وقت كما انى رأيت فاكهه الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف .
قال الزوج لها – " سلام قولا من رب رحيم " هذا لم اسمع عنة إلا في عهد زكريا ومريم عليهما السلام كلما دخل عليها المحراب وجد عندها أنواع الفواكه والطعام في اى وقت من العام فاى عصر نحن الذي تتحقق فيه هذه المعجزة
قالت له في ثورة ... في عصر الجارة .
أى جارة يا صاحبة البيت ..
قالت له – جارة مستأجره جاءت من مكان بعيد ..
قال الزوج – احمدي الله يا صاحبة البيت فماذا حدث لك لقد كنت دائما راضية ببيت أجدادك وقوتك القليل المبارك وعصير ليمونك الطبيعي وقهوتك التي تشربينها في الصبا ح و بعد العصر ..
قالت له - لا قهوة بعد اليوم – بل سأشرب نسكافية
ومضى الزوج و هو يقول لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم هذه جارة أم ريح صفارة . وكرهت صاحبة البيت الطعام القليل ذو الرائحة الطيبة وكرهت عصير الليمون الطبيعي وأهملت البيت الذي أصبحت تراه قديما والملابس التي أصبحت تراها مبهدلة والزوج الذي يرفض أن يكون حضاريا فهو لا يريد أن يدخن سيجاره ويكره عادات السهر ويشمئز من رائحة البيفى والبرجر ثارت صاحبة البيت وغضبت وأصبحت كل يوم تطرق باب الجارة لتشرب عندها النسكافيه وتأكل فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء ثم أعطت لها الجارة فستانا مفتوحا على الموضة الوانه صارخة وزينتها كأساطير ألف ليله وليله على الموضة الجنيه ( شعر اخضر منكوش وأصباغ على العين وفي الوجه ) وقالت لها انتى ألان ساحرة كجنية البحر واهدتها زجاجه عطر صارخة وأعطت لأولادها أكياس من الشيبسى والكاراتيه وزجاجات بيبسي كولا .. واهدتها جينز لزوجها وبايب
فقالت لها صاحبة البيت – زوجي تقليدي قديم لا يقبل هذا
قالت لها – إن أبي عليك شربيه من هذه القنينة انه مشروب يفتح شهيته على عالم الجارة .
وأخذت صاحبة البيت قنينة أبو مرة ُ كما فعلها وقدمها لعمرو بن هشام (اباجهل) حملتها وهي جاهلة بهذه الدنيا الجديدة حملتها مع طعام للزوج برجر وبيفى و كنتاكى ثم عادت للبيت ولزوجها بثيابها الجديد وطعامها الجديد فأنزعج الزوج من بهرجة صاحبة البيت وكأنه رأى شبحا من أشباح العالم الخفي واختبئ وراء الستار وهو يقول .. يا (مه) انتى انس ولا جان .
قالت له - أنا صاحبة البيت
ـ اعطينى أمارة ..
قالت له عاهدتك ليله زواجنا والله شاهد علينا ألا أكذب وألا أخون وألا ألوث ماء النيل .
فخرج الزوج من وراء الستارة وقال لها – وما الذي حدث لك يا صاحبة البيت
قالت – حضارة وتقدم .. لابد أن تكون (فريى) و لكن يا صاحبة البيت ؟ في هذا الوقت أعدت له كوبا من العصير ووضعت فيه شيئا من القنينة وشربها الزوج ونسى كلماته واكل من الطعام ولبس من الملابس الموضة وفرح الأولاد بالشيبسى والكاراتيه والكولا .. وظلت الجارة تتردد علي صاحبة البيت كل يوم وتكرمها بالعطايا وتمدها بقنوات الدش وترسم لها الأحلام ثم تنقل لها شتيمة أم حنان صاحبة البيت في الدور الارضى ومعابة أم فاروق عليها وهى صاحبة الدور الثاني – وبغض أم جرجس لهم وهي صاحبة البيت في الدور الثالث .. وكرهت صاحبة البيت جيرانها من أصحاب البيوتات مثلها .. ثم ذات يوم انقطعت الجارة عنها ولم تعد تمدها بشئ .. ومر يوم و اثنان وصاحبة البيت تنتظر العطايا بلا جدوى وأصبح لاغني عن النسكافيه والبرجر والبيفى والكنتاكى وأنواع الفاكهة التي تأكلها في يوم واحد لأربع فصول العام .. وخرجت مضطرة بأن تطلب من جارتها التي أخجلتها بان ما لديها بالكاد يكفيها ويمكنها أن تقرضها لتشترى هي فلقد امتلئ السوق لمن يشترى ..
وتفاجأت صاحبة البيت أن معظم أصحاب البيوتات قد تعودوا مثلها على كل عادات وتقاليد وطعام الجارة .. ومع ذلك لم تبخل عليها الجارة الإعصارة بالقروض يوما بعد يوم وصاحبة البيت كل يوم تكره أم حنان وأم جرجس وأم فاروق .. وتعالت الأصوات بالشجار والمكائد ( خبط ورزع ) عراكات ومشاحنات والجارة الإعصارة تسمع المشاحنات والعراكات وتبتسم وتشرب من كأسها .. وتسللت الجارة الإعصارة إلى كل البيوتات لتقرضهم لشراء الجديد والمعاصر حتى ولو كانت تقاليع .. ثم جاء يوم وراحت صاحبة البيت تقترض من الجارة فلم تقرضها وطالبتها بسداد ما عليها من الديون .. فلم تجد صاحبة البيت إلا القليل معها لترده
فقالت لها الجارة بعد ما تعثر عليها السداد .. أرسلي لي أولادك يقضون لي حاجاتي تخفيفا لما عليك ولما طالت المدة قالت لها أرسلي لي زوجك .. فلما طال الأجل قالت لها – ارهني لي بيتك ..
فوقفت صاحبة البيت تفكر فلم يعد لديها سوى البيت الذى يأويها ثم قالت للجارة- أمهليني حتى أجد لك حجة البيت وكانت ليلة حالكة الظلام قضتها صاحبة البيت تتقلب في فراشها وقد فقدت زوجها وأولادها وطعامها وشرابها وقد بحثت عن الحجة في كل مكان فلم تجدها .. حتى غفلت عيناها وهيئ لها انها رأت شيخا مُسنا يتوكأ علي عصاه يذهب شبهه إلي جدها فقالت له بلا تردد :- كأنك جدي
قال :- اجل أنا جدك
الم ترحل يا جدي
قال :- نعم رحلت ولكن مازال اثري موجودا أنظري حولك الا ترين عبق الماضي في كل شئ .
ولماذا جئت يا جدي قال :- جئت أنقذ حجة البيت فلقد أخذت جارتك كل شئ مالك وأولادك وزوجك وخلفت لك ضغينه بينك وبين اهلك من أصحاب البيوتات فماذا بقى لكي لم يبقى سوى بيتك الذي يحمل تاريخك وماضيك ويصون بقيه أيامك في حاضرك ومستقبلك .. قولي لها لا - سنجوع يا جدي فلقد بارت الأرض وتسمم الزرع وتلوثت الياه فبيدها الطعام ..
قال :- قولي لها لا يا صاحبة البيت
ستقتل أولادي مرضا فلقد انتشر السرطان والوباء وهزلت الأجساد وكثرت الأمراض وبيدها الدواء تعطيه لنا بحساب .
قال :- قولي لها لا
- ستأخذ زوجي وستجهض جنيني وتهلك حرثي ونسلى .
قال :- قولي لها لا .. لا
ونهضت صاحبة البيت فزعة وهى تقول لالا .. بأعلى صوتها للجارة حجة البيت لا لن أراهن على البيت يا جارة فوجدت من الجارة الاعصارةغضبة شديدة أهاجت كل شيء ضيعت كل شيء زوجها وأولادها وجيرانها وأصحاب البيوتات فتحت الباب لتري أطفال قد دُمرو ذهنيا واهلكوا جسديا أكلوا سموما في سموما . هزلوا .. مرضوا .. وتسرطن الدم والأفكار عادوا أشباح وزوجها لم يعد حاضراً فلقد تاه في متاهة من هذه لتلك تعلم السكر وغابت النخوة وعل الجسد وتناول المهدئات والفيجرا ومرض الجسد والوجدان معاً وهرعت إلي الشارع لتكلم بناتها وغلمانها ولكنها لم تستطيع عندما وجدت ورقات بأيديهم تحمل كلمات الزواج العرفي وكلمات كثيرة مبهمة وأفكار وتغيرات فلقد هرمت البنات مبكرا وشاخت الغلمان ولما دخلت البيت هرولت إليها الجارات يشُدنها من كل جانب عركات مشاحنات وأصبح الكل ينهش في الكل فأسرعت إلي بيتها لتبحث عن عصاه تشج بها رأس الجارة الا عصارة التي اقتعلت كل شيء وبدات كالمجنونة تبحث عن عصاه جدها فهي من تراثها وميراثها وبلا وعي قفزت علي السندارة فاءذا بها تفاجئ .. فماذا كان فيها ؟
أخرجت قرآناً وكتاب تاريخ وبرديات من عهد قديم ولوحة تصويرية لمينا موحد القطرين ومخطوطات عن رسائل لصلاح الدين وقطز ووصية عمرو بن العاص لأهل مصر وتاريخا للأمم ووجدت شكمجيه وكيسا من القطن المصري الأصيل وزيت زيتون وشموع وعصي جدها وأدركت أن الدهاء والحيلة تغلب الضرب بالعصاة وقت التهور .. فتوكأت على عصى جدها ونفضت التراب عن محتويات السنداره واضأت الشموع وجلست تقرا الكتب و تتعلم وتتفحص المحتويات ونهضت بعد هذه الوعكة نسقت بيتها وأخذت قطعة من القطن وغمستها في الزيت وطلت أثاث البيت لتنزيل أثار الغبار وعطرت المكان فوجدت بيتها من جديد أجمل البيوتات ونسقت محتويات السنداره وأخذت شكمجيه الجدة وأخرجت جواهرها وباعتها لسد دين الجارة فدت البيت بالاقتناء وحب المال فاالبيت ابقي ولا شك ... !
ثم طرقت باب أم جرجس وأم حنان وأم فاروق وجمعتهم وجمعت زوجها وأولادها ليروا جميعا ما وجدته في السنداره وطهت لهم الدجاج البلدي والخضر وعصرت الليمون لينقي لهم دمائهم وأعدت مائدة مصرية ليأكل الكل وقالت الحمد لله مادمنا نعود إلي طبيعتنا .. فلماذا سهلنا الطريق للجارة وضعفنا ونقمنا على القليل الذي يحمل البركات وبدلناه بكثير يحمل إلينا النقمات .. وها نحن نعود إلي هدوء أنفسنا نجرب جميعا يوماً واحدا نعيش فيه مع بيئتنا القانعة واني لا ادعوكم ليوم كل عام أو كل شهر للعودة فيه إلي عادتنا القديمة لكي لا ننسى .. أجل لنختلى يوما بانفسنا بعيدا عن المدنية وهجوم التحضر في كل شيء يبعدنا عن الأصل ونحاول أن نأقلم أنفسنا يوما للجلوس علي الأرض وعلي فرش بسيطة ونشرب يوما مياه القلل ونأكل من زرع أيدينا كل ما هو طبيعي ونكلله بعادتنا الاصليه بلا تلوث سمعي أو بصري ونحاول أن نعيد زمن المصري الأصيل القديم والجديد نقرأ التاريخ ونستحضر الأمجاد ونتسامر مع السيرة العطرة لأبطال هذه الأمم .. نحاول أن نقول.. لا.. بشكل بسيط لكل من يجبرنا علي اللجوء للغير والخضوع له والتداين منه ولنتعامل مع واقعنا ومع أنفسنا لكى نصنع لنا حضارة تتوافق مع أمزجتنا وطبائعنا وشرائعنا ونتعلم كيف نتذوق طعامنا وكيف ننتقي ملابسنا ونحمي أذواقنا ونقف خلف رب هذا البيت نساعد صحابه أن يتصدى معنا فضعفنا نحن هو البداية فرب البيت يقود بنا مادمنا أقوياء لا حاجة لنا للغير .. ولما طرقت الجارة الباب ورأتنا متجمعين و أمامنا محتويات السندارة وقد عدنا انزعجت وتضألت فرددنا لها ما كان لها وقلت لها
إرحلى يا جاره
يا ريح صفارة
يا إعصاره يا غدارة
يا من كنتى لنا جارة